توسيع زمن رمي الجمرات في منى اجتنابا لحوادث التدافع القاتلة (مقاربة فقهية)

Résumé

إن تواتر تكرار حوادث التَّدافع القاتلة في منسك رمي الجمرات بمنى لسنوات، ُ وبخسائر بشرية ثقيلة يفر ُض على أهل الفقه، وعلى أولي الأمر استخلاص العبر من قراءة أسبابها ونتائجها لمنع تجددها وأخذ ذلك بعين العناية والاعتبار في الفقه والفتيا وتوجيه حجيجنا، إلى مذاهب التَّوسعة والتخفيف التي تمدد في زمن الرمي على مدار الساعة طيلة أيام الرمي. بينما يكون إصرار كثير من الفقهاء على التزام المشهور من أقوال مذهبهم في زمن الرمي، أي ذلك الوقت الذي رمى فيه الحبيب مح َّمد َصلى الله عليه وسلم، إنما يخلق أزمة الازدحام ويغذي فرضيات التَّدافع وكأنهم يوجهون الناس إلى وضعيات قاتلة، ويتعامون عن نتائجها بتفسيرات تلِّقي اللوم على القُدرات التَّنظيمية للسلطات الأمنية أو الجوانب اللوجستية أو المعمارية الهندسية... إن استثمار مدونتنا الفقهية الغنية بالتنوع والتًّيسير للمحافظة على أرواح الحجيج واجب شرعي لعظم حرمتها، وأن توسيع زمن الرمي في كل الأيام واجب بقدر ما وسع على اعتبار هذا النوع من الزحام المفتوح على فرضيات التَّدافع القاتل، والذي أ َّكدته الأحداث المتواترة، من الأعذار الشرعية التي تفوق في آكديتها أعذار المرضى وأهل السقاية والرعاة الذين رخص لهم الفقهاء بتوسيع زمن الرمي لهم، وأن حفظ الأنفس والأعراض والأموال أولى في نظر الشرع المكرم من رعاية الأنعام والسقاية، وأن ترجيح العلماء لأقوال التَّوسعة والتخفيف إنما هو لصالح مجموع المسلمين أمة وشعوبا، لاسيما أن درء مفسدة زهوق الأنفس مقدَّم على رعاية الأوقات الفضلى، ومن الواجب فقها، بناء على ما تقدم، ترجي ُح أيسر الأقوال الفقهية، وأكث ِّرها توسعة : َّ 1ـ في زمن وقت رمي جمرة العقبة، من منتصف الليل الثاني من ليلة النحر إلى غروب ثالث أيام التشريق أداء لا قضاء. 2ـ وفي زمن رمي أيام التشريق الثلاثة الموالية ليوم النًّحر، قبل ال َّزوال وبعده وليلا إلى غروب اليوم الأخير أداء لا قضا َء، مراعاة للمقاصد والمصالح المعتبرة من حفظ الأنفس والأعراض والأموال.